الفرق بين الأب والوالد

 الفرق بين  الأب والوالد

الكثير من الناس يعتقد أن الأب والوالد كلمتان متشابهتان في القرآن، لا فرق بينهما، لأنهما تطلقان على الشخص الذي أنجب الإنسان، وهذا كلام غير صحيح ؛ لأنه لا يتفق مع الدقة القرآنية الملحوظة، التي تلاحظ الفروق الدقيقة بين الكلمات المتقاربة.
 إن بين الكلمتين "أب" و"والد" فروقاً في الاشتقاق، وفي المعنى، وفي الاستعمال القرآني، مع أنهما تتفقان في معظم المعنى، وتلتقيان في أنهما تطلقان على الشخص الذي أنجب الإنسان.
 الأَبُ: اسم يطلق على الوالد، لكنه في الأصل مصدر محذوف حرفه الأخير، وهو على وزن "فع"، وأصله "أبو". وقد سبق أن تحدثنا عن ذلك. 
أما "والد" فهو اسم على وزن "فاعل". وهو مشتق من الجذر "وَلْدٌ"، والوَلْدُ والتولد فيه معنى حصول الشيء من الشيء، وتفرعه وانفصاله عنه. 

الفرق بين الأب والوالد في الاشتقاق

 فالأب مشتق من الجذر الثلاثي: "أَبْوٌ"، والوالد مشتق من الجذر الثلاثي: "وَلْدٌ". وهناك فرق بين الأب والوالد، من حيث المعنى الأساسي للجذرين، لأن الأبو فيه معنى الغذو، والولد فيه معنى الانفصال. فالأب والوالد يطلقان على الرجل الذي أنجب الإنسان، لكنه يطلق عليه ...
"أب" : عند إرادة معنى التربية والتغذية والعناية والرعاية والاهتمام، ويطلق عليه .
"والد"  : عند إرادة معنى التفرع والتناسل وانفصال الفرع عن الأصل. وعند النظر في ورود الكلمتين المتقاربتين في القرآن، فيمكننا ملاحظة ما يلي: 
-استخدم القرآن كلمة "الأب" بمعنى "الوالد"، في آيات عديدة، منها قوله تعالى: 
"إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين" (يوسف:4). 
- أطلق القرآن الأب على الجد القريب أو الجد البعيد، كما في قوله تعالى: 
"ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين.." (الحج: 78).
 أما الوالد فإنه لا يطلق إلا على الأب الحقيقي الذي أنجب الإنسان؛ فلا يطلق على العم والجد. 
- ورد الأب في القرآن مفرداً ومثنى وجمعاً، أما الوالد فإنه ورد مفرداً ومثنى فقط، ولم يرد جمعاً. 
من وروده مفرداً قوله تعالى:
 "ووالد وما ولد" (البلد:3). 
ومن وروده مثنى قوله تعالى: 
"للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون" (النساء:7)
 وهو لم يرد جمع مذكر "الوالدون" ، لأنه ليس للإنسان إلا والد واحد، أو والدان اثنان هما الأب والأم أو الوالد والوالدة. 
- في الكلام على النسب يستخدم القرآن كلمة الأب أو الآباء، كما في قوله تعالى:
 "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم" (الأحزاب : 5). 
- في الوصية والبر والإحسان يستخدم القرآن كلمة "الوالدين" لأن الوالد يدل على قوة الصلة المباشرة بين الوالد والولد، ويذكر الولد بأصله الذي تفرع عنه، ويرشده إلى أهمية التواصل بين الأصل والفرع. قال تعالى:
"وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" (الإسراء: 23). 
- اللطيف أن القرآن يساوي بين الأب والوالد في الكلام على الأمور المالية كالميراث والوصية، لأن الحقوق المالية تشمل كلاًّ من الأب والوالد! أورد "الوالدين" في قوله تعالى: 
"للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون" (النساء:7).
 وجائت "الأبوين" في قوله تعالى:
 "ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث" (النساء:11). 

الاستنتاج 

 الأب والوالد كلمتان قرآنيتان، ليستا مترادفتين بمعنى واحد، لأنه لا ترادف في القرآن، وإنما هما متقاربتان، تتفقان في معظم المعنى، ولكنهما تفترقان في جزء من المعنى والدلالة. فالأب يذكر ويراد به التربية والرعاية والتوجيه والإرشاد.
فالأب هو المربي، الذي يغذو أولاده، ويقدم لهم الغذاء المادي الضروري لأبدانهم، والغذاء الروحي الضروري لأرواحهم وقلوبهم. أما الوالد فإنه يذكر ويراد به التوالد والتناسل وانفصال الولد عن الوالد، وتفرعه عنه، فالوالد يتعلق بالجانب المادي من حياة الأبناء، أما الأب فإنه يشمل الجانب المادي القائم على الغذو والإطعام، والجانب المعنوي القائم على التربية والتوجيه. 




                       

2 تعليقات

أحدث أقدم

تحويل اموال بسهولة و سرعة

نموذج الاتصال