علامات قبول رمضان
مقدمة
شهر رمضان هو أحد أعظم مواسم الطاعة، حيث يتقرب العبد إلى الله بالصيام، والقيام، وقراءة القرآن، والأعمال الصالحة. ولكن كيف نعرف أن الله قد تقبَّل أعمالنا في رمضان؟ وما هي العلامات التي تدل على قبول الطاعات؟
لقد أشار العلماء والصالحون إلى بعض العلامات التي يستدل بها على قبول العمل، ومنها الاستمرار في الطاعة بعد رمضان، وظهور أثر الإيمان في القلب والسلوك، والمحافظة على الأعمال الصالحة. في هذا المقال، نستعرض أبرز علامات قبول رمضان، مع أدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح.
1. الاستمرار على الطاعة بعد رمضان
دليل قرآني:
قال الله تعالى:
﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ (الحجر: 99)
أقوال العلماء:
- قال الحسن البصري رحمه الله: "إن من جزاء الحسنة الحسنة بعدها، وإن من عقوبة السيئة السيئة بعدها."
- وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى."
إشارة عملية:
إذا رأيت نفسك بعد رمضان تحافظ على الصلاة، وتحرص على قيام الليل، وذكر الله، وقراءة القرآن، فهذا يدل على قبول عملك في رمضان.
2. تحصيل التقوى وزيادة الإيمان
دليل قرآني:
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ (البقرة: 183)
أقوال العلماء:
- قال ابن مسعود رضي الله عنه: "التقوى أن يُطاع الله فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر."
- وقال الإمام أحمد رحمه الله: "إنما هو حسن البقاء، فمن عمل حسنًا بعد حسن، فقد أُعطي حسن البقاء."
إشارة عملية:
إذا وجدت نفسك أكثر خشوعًا، وأكثر محافظة على العبادات، فهذه علامة على أن رمضان قد ترك أثره فيك.
3. محبة الطاعة وكراهية المعصية
حديث نبوي:
قال النبي ﷺ:
"من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن." (رواه الطبراني)
أقوال العلماء:
- قال سفيان الثوري رحمه الله: "علامة حب الله كثرة ذكره، وعلامة قبول العمل حسن الاستقامة عليه."
- وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: "إذا كنت لا تحب الطاعة بعد رمضان كما كنت تحبها فيه، ولا تكره المعصية كما كنت تكرهها فيه، فاعلم أن عملك مردود."
إشارة عملية:
إذا كنت تفرح بالطاعة، وتجد راحة في العبادة بعد رمضان، وتنفر من المعاصي، فهذه علامة على القبول.
4. استمرار الدعاء وطلب القبول
دليل قرآني:
قال الله تعالى عن عباد الله الصالحين:
﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ (المؤمنون: 60)
أقوال العلماء:
- قالت عائشة رضي الله عنها: "يا رسول الله، أهو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنه الذي يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يُقبل منه." (رواه الترمذي)
- وقال الحسن البصري رحمه الله: "إن المؤمن جمع إحسانًا وخشية، وإن المنافق جمع إساءة وأمنًا."
إشارة عملية:
إذا كنت تكثر من الدعاء بأن يتقبل الله عملك، وتشعر بالخوف من عدم القبول، فهذه علامة على الإيمان الحقيقي.
5. حب القرآن والتعلق به
حديث نبوي:
قال النبي ﷺ:
"خيركم من تعلم القرآن وعلمه." (رواه البخاري)
أقوال العلماء:
- قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "لو طهرت قلوبنا، لما شبعت من كلام الله."
- وقال الإمام مالك رحمه الله: "إن حقًا على من تعلم القرآن أن يكون وجهه مشرقًا، وعمله مستقيمًا، وسيرته حسنة."
إشارة عملية:
إذا كنت بعد رمضان مستمرًا في تلاوة القرآن، وتسعى للعمل به، فهذا يدل على قبول عملك في الشهر المبارك.
6. القبول عند الناس والأثر الطيب
حديث نبوي:
قال النبي ﷺ:
"إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض." (رواه البخاري ومسلم)
أقوال العلماء:
- قال ابن القيم رحمه الله: "إذا رأيت الله يسوق إليك قلوب العباد بالمحبة، فاعلم أن ذلك نتيجة محبتك له وإقبالك عليه."
إشارة عملية:
إذا وجدت الناس يحبونك، ويذكرونك بالخير، فهذه علامة على قبول عملك.
7. الثبات على الاستغفار والتواضع
دليل قرآني:
قال الله تعالى:
﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ﴾ (التوبة: 118)
أقوال العلماء:
- قال ابن عطاء الله السكندري: "إذا أراد الله أن يكرم عبده، فتح له باب الاستغفار بعد الطاعة."
- وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "قولوا كما قال أبوكم آدم: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا ﴾، وقولوا كما قال نوح: ﴿ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي ﴾."
إشارة عملية:
إذا كنت بعد رمضان تستغفر الله كثيرًا، وتشعر أنك مقصر رغم اجتهادك، فهذه علامة قبول.
الخاتمة
القبول ليس أمرًا مضمونًا، لكنه يُرجى من الله بأعمال صالحة تستمر بعد رمضان. فليحرص العبد على الطاعة، وليدعُ الله أن يكون من المقبولين.
📖 اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، وتقبل منا الصيام والقيام، واغفر لنا تقصيرنا، واختم لنا بالحسنى. 🤲
Tags:( عمليات البحث ذات الصلة على جوجل )
إرسال تعليق